الثلاثاء، 5 أغسطس 2014

متى خلقت الأرض؟





بين الفترة والأخرى يظهر ملحد هنا أو مشكك هناك يحاول التشكيك في كتاب الله تبارك وتعالى، ويردد الحجج الواهية ذاتها التي رددها المستشرقون من قبل، ولذلك نحاول من خلال سلسلة المقالات القصيرة هذه أن نرد على هذه الحجج ونوضح حقيقة الإسلام الرائعة، وبأسلوب علمي.

والسؤال الذي طرحه أحد الملحدين: القرآن يؤكد أن الأرض خلقت قبل السماء، ولكن العلم يؤكد أن السماء خلقت قبل الأرض بمليارات السنين، وهذا دليل على أن القرآن كتاب بشري فيه أخطاء علمية.

يقول العلماء إن المجموعة الشمسية تشكلت بعد خلق الكون بتسع مليارات عام. لقد خلقت الشمس كنجم من 100 مليار نجم في مجرتنا، حيث تم وضع هذه الشمس على مدار يبعد 25000 سنة ضوئية من مركز هذه المجرة.

يعتقد الكثير من العلماء أن المجموعة الشمسية تشكلت من سحابة دخانية (غاز وغبار) solar nebula ، وبسبب الجاذبية تجمعت جزيئات الغبار والغاز وبدأت بالدوران بقوة واندفعت هذه الجزيئات للمركز وشكلت الشمس ومن ثم بقية الكواكب ومنها الأرض..



صورة تمثل تاريخ تشكل المجموعة الشمسية من الغبار الكوني وبعبارة أدق الدخان الكوني. وتؤكد الأبحاث العلمية الصادرة حديثاً أن الغبار الكوني كان منتشراً بكميات هائلة أثناء خلق الأرض.





صورة للشمس والكواكب تدور حولها .. هذه المجموعة الشمسية خلقت قبل خمسة مليارات عام تقريباً.. وأثناء خلقها كان الكون مملوءاً بالسحب الدخانية (حسب موقع وكالة ناسا).

لقد خلقت الأرض وبقية الكواكب من الغبار الناتج عن انفجار النجوم، وفي بحث سابق أثبت العلماء أن التسمية الأدق لهذا الغبار هو الدخان، لأن تركيب جزيئاته يشبه الدخان العادي. وبالتالي فإن الحقيقة العلمية تقول بأن الدخان كان منتشراً بغزارة أثناء خلق الأرض وبكميات هائلة لم يكن العلماء يتوقعونها من قبل.




صورة للدخان الكوني الناتج من انفجار النجوم الأولى في الكون، ونرى في وسط هذا السديم الدخاني نجماً يتشكل من بقايا الدخان، هذا النجم يشبه شمسنا سوف يتشكل حوله أيضاً بعض الكواكب.

الآن دعونا نتأمل الآية التي تحدثت عن خلق الأرض والسماء لندرك التطابق بين الحقيقة العلمية والآية القرآنية. يقول تعالى: (قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ) [فصلت: 9-10]. هاتان الآيتان تتحدثا عن تفاصيل خلق الأرض في يومين وإكمال عملية الخلق مثل خلق الجبال والأنهار... في أربعة أيام.

الآن ماذا تقول الآية التالية؟ يقول تعلى: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) [فصلت: 11]. أي أن الله تعالى استوى إلى السماء وهي في حالتها الدخانية.. أي أنه عندما خلقت الأرض كانت السماء مملوءة بالدخان الكوني.. أليس هذا ما يقوله العلم؟

ثم قال تعالى: (فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) [فصلت: 12]، هذه الآية تؤكد أن السماء كانت مخلوقة ولكنها كانت سماء واحدة، ففصلها الله إلى سبع سماوات خلال يومين، وهذه الحقيقة تعتبر خارج نطاق العلم حالياً لأن العلم لم يكتشف السماوات السبع.

هناك آية ثانية يسوقها هذا الملحد وهي قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [البقرة: 29]. يقول الملحد: هذه الآية تؤكد أن الأرض خلقت قبل السماء، والدليل قوله: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ) وكلمة (ثُمَّ) تعني (بعد ذلك) فما هي الحقيقة؟

الحقيقة أن الملحد هنا يخلط بين كلمة (خلق) وكلمة (سوى) فالخلق يكون من العدم، ولو قال القرآن (ثم خلق السماء) لكان هناك خطأ علمي. ولكن القرآن قال (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ) وهناك فرق كبير بين الخلق والاستواء.




صورة ملتقطة من قبل وكالة ناسا لانفجار نجم وتولد كميات كبيرة جداً من الدخان الكوني، هذا الانفجار المسمى سوبرنوفا 1987Aهذا الانفجار وقع قبل 170000 سنة، ولكن البشر لم يتمكنوا من مشاهدته إلا عام 1987 وبث كميات هائلة من الدخان الكوني تعادل 160000-23000 كتلة الأرض. ESA/NASA-JPL/UCL/STScI

كشف مرصد هابل الفضائي كميات هائلة جداً من الدخان الكوني تعود لبدايات خلق الكون، والعلماء يتساءلون عن سر وجود هذه الكميات الضخمة من الدخان (الغبار الكوني). وفي مؤتمر جديد عقد عام 2014 بعنوان EWASS 2014 : European Week of Astronomy and Space Science وقد خصص لمناقشة سر الدخان الكوني المكتشف حيثاً والذي كان سائداً في بدايات خلق الكون.

حيث يؤكد العلماء من خلال عدد من الأبحاث الدور الكبير الذي لعبه الغبار الكوني في ظهور النجوم والمجرات والكواكب ومنها الأرض وحتى المادة الحية على الأرض. ومع ذلك فالعلماء يجهلون الكثير من أسرار الدخان الكوني هذا.

لقد بحث العلماء طويلاً عن سر هذا الغبار الكوني والذي يتألف من الكربون والأكسجين وعناصر أخرى ... ويقولون: إن أرضنا تكونت من الدخان الكوني (بالكامل تقريباً) لأن المنطقة كانت مليئة بالدخان.. وهنا نجد إشارة رائعة في القرآن وتحديداً في سورة فصلت التي تحدثت عن خلق الأرض وتكوينها وفي الآية التالية ذكر الدخان! لنتأمل النص بالكامل:

(قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (10) ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) [فصلت: 9-11].

لاحظوا معي الحديث عن خلق الأرض أي ابتداء خلق الأرض أي أن الأرض لم تكن موجودة، بينما الحديث في الآية التالية جاء عن استواء الرحمن إلى السماء وهي دخان، فعبارة (وَهِيَ دُخَانٌ) تؤكد أن السماء موجودة قبل خلق الأرض ولكن المشهد السائد في ذلك الزمن كان الدخان.

وسبحان الله، في هذه الآية اكتشفنا معجزة جديدة وهي أن القرآن هو أول كتاب يشير إلى علاقة الدخان بخلق الأرض، وإشارة إلى وجود دخان أثناء خلق الأرض، والعبارة واضحة جداً (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ) أي أن السماء كانت مخلوقة قبل الأرض.. وهذا دليل على عدم فهم الملحدين للآية الكريمة.

والنتيجة

الآية الكريم لم تقل بأن الأرض خلقت قبل السماء، إنما قالت بأن الأرض خلقت والسماء كانت في حالة دخانية، وهو ما يقوله العلم الحديث. ولذلك فكلما انتقد ملحد آية من كتاب الله، ظهرت فيها معجزة ترد على هذا الملحد، فالحمد لله رب العالمين.

ــــــــــــ

المراجع

Solar System, http://www.space.com/10900-solar-system-planets-scale-infographic.html

http://eas.unige.ch/EWASS2014/session_display.jsp?id=S4

http://www.universetoday.com/87321/where-did-early-cosmic-dust-come-from-new-research-says-supernovae/

http://hubblesite.org/newscenter/archive/releases/2011/21

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
UA-39827868-2