قال تعالى: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ سورة فاطر.
أيْ أنَّ الكَلِمَ الطَّيبَ كَلا إلهَ إلا الله يصْعَدُ إلى مَحَلّ كَرَامَتِه وهُوَ السَّمَاءُ، والعَمَلُ الصَّالِحُ يرفَعُه أي الكلمُ الطيبُ يرفَعُ العملَ الصالحَ وَهذا مُنْطَبِقٌ ومُنْسَجِمٌ مَعَ الآية المحكمةِ: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شىءٌ﴾.
هذا من المتشابهِ الذي يعلَمُ معناُه الرَّاسخونَ، فالكلمُ الطَّيبُ هو كلا إله إلا الله والعملُ الصّالحُ يشمَلُ كلَّ عملٍ صالحٍ يُتقرَّبُ به إلى الله كنحو الصلاةِ والصدقةِ وصلة الرحمِ، فالمعنى أن كلَّ ذلك يصعدُ إلى الله أي يتقبَّلُهُ، هذا ليسَ فيه أن الله له حيّزُ يتحيزُ فيه ويسكنُهُ.
فالسماءُ محلُّ كرامةِ الله أي المكان الذي هو مشرَّفٌّ عند الله، لأنها مسكنُ الملائكةِ، هذا التَّفسيرُ موافق للآية المحكمة: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شىءٌ﴾.
فَتَفْسيرُ الآياتِ الـمُتَشابِهَةِ يَجبُ أن يُرَدَّ إلى الآياتِ الـمـُحْكَمَةِ، هذا في الـمُتَشابِه الذي يجوزُ للعُلماءِ أن يعلمُوهُ أي أن من أرادَ أن يُفسّرَ المتشابهَ يجبُ أَنْ يكونَ موافقًا للآياتِ المحكماتِ كتفسيرِ الاستواءِ بالقهرِ فإنه موافقٌ للمحكماتِ، كذلك تفسيرُ: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ بمحلِّ كرامتِهِ وهي السَّماءُ موافقٌ للمحكمات.
قال الحافظُ ابن حجر العسقلانيُّ في فتح الباري بشرح صحيح البخاري: "فمعتقدُ سلفِ الأئمة وعلماءِ السنة من الخلف أن الله منزه عن الحركة والتحول والحلول ليس كمثله شىء" اهـ.
0 التعليقات:
إرسال تعليق