وجد العلماء في أحدث دراسة علمية أن القلب يقوم بتجديد الخلايا على عكس الاعتقاد السابق، فهل من إشارات قرآنية ونبوية؟ لنقرأ....
خبر علمي يؤكد أن القلب قادر على تجديد خلاياه
أظهرت دراسة طبية حديثة أجراها فريق من الباحثين السويديين أن قلب الإنسان قادر على تجديد خلاياه ذاتياً. وهذا الاكتشاف يفنّد الاعتقاد السائد بأن القلب يعدّ من ضمن أعضاء الجسم التي لا تتجدّد خلاياه مطلقاً.
فقد أثبتت دراسة طبّية سويدية حديثة أن قلب الإنسان ينتج عدداً محدوداً من الخلايا الجديدة على مدار حياته. وقال العلماء إنهم أثبتوا أن الجسم البشري يجدّد خلايا القلب بمعدل يصل إلى حوالي واحد بالمائة سنوياً. وقد يقلّل هذا الاكتشاف مستقبلاً الحاجة إلى عمليات زراعة القلب، كما يُفند هذا الاكتشاف الاعتقاد الذي كان سائدا من قبل، بأن خلايا القلب لا تتجدّد مطلقا. ويعرف الأطباء أن هناك خلايا مسيطرة في القلب تسمى الخلايا الجذعية ولكن عضلة القلب عادة ما تكوّن نسيجاً متقرحاً بعد تعرضها للضرر ولا تستعيد قدرتها الكاملة على التجدد.
ولإجراء هذه الدّراسة استغل عالم القلب السويدي أولاف بيرغمان وفريقه العلمي في معهد كارولينسكا السويدي نتائج الاختبارات النووية، التي أجريت أثناء الحرب الباردة، وأدّت إلى إطلاق أحد نظائر الكربون المشع C14 الذي خلف آثاراً داخل الخلايا البشرية. وقد وُصفت تلك الاختبارات النووية بأنها من أكبر الكوارث الإشعاعية في العالم خلال القرن الماضي.
وأشارت الدّراسة إلى أن قرار حظر إجراء التجارب النووية على سطح الأرض عام 1963 قد أدّى إلى تراجع نسبة الكربون المشعC14 وبالتّالي تضاؤل نسبته في الحمض النووي البشري تدريجياً. وبناء على هذه المعطيات تمكّن العلماء من استخدام الجزء المُتبقّي من النظائر "كمؤشر" لتحديد عمر خلايا القلب عند أشخاص ولدوا قبل أو بعد إجراء الاختبار النووي.
اكتشف الباحثون أن خلايا القلب تتجدّد ببطء خلال فترة زمنية معينة وأن هذا التجدّد يبلغ عند سن الخامسة والعشرين نسبة واحد بالمائة سنوياً، بينما تنخفض هذه النسبة إلى 0.45 بالمائة في سن الخامسة والسبعين. وأوضحت الدّراسة أيضاً أن العدد الإجمالي لخلايا القلب، التي تتجدّد أثناء حياة شخص عادي، تقلّ عن نصف عدد الخلايا الإجمالية التي يحتوي عليها القلب. وفي سياق متصل أكّد الباحثون على ضرورة استغلال هذه المعلومة في تطوير أساليب علاج جديدة.
قلب فتاة يصلح نفسه بنفسه!
أثارت حالة الفتاة الإنجليزية، هانا كلارك، فضول العلماء، حيث بعد 14 سنة من عملية زرع قلب إضافي في صدرها للتخفيف عن قلبها المصاب بورم، والتي أجراها الجراح المصري الشهير مجدي يعقوب، تمكن قلبها من شفاء نفسه بنفسه، مما حولها من فتاة عليلة إلى شابة تطمح بأن تعيش حياتها طولاً وعرضاً أسوة بأقرانها.
صُنفت الفتاة بأنها مريضة بورم في القلب، مما دفع الأطباء إلى أن إجراء عملية فريدة من نوعها، وذلك عبر زرع قلب إضافي في صدرها، تاركين قلبها الأصلي ليرتاح ويشفى. ويذكر أن الأطباء اضطروا إلى إعطاء هذه الفتاة أدوية مضادة للمناعة، وذلك للحيلولة دون أن يفرز جسمها إفرازات تعطل عمل "القلب الجديد"، وهو ما أدى إلى إصابتها بالسرطان، مما دفعها إلى خوض معركة جديدة مع المرض الخبيث، زيادة على حالة قلبها.
إن الأدوية المضادة للمناعة لم تعد فعالة، مما هدد حياة الفتاة، فتمَّت إجراء عملية لإزالة القلب الإضافي، وذلك بناء على نظرية مفادها أنه من الممكن أن يكون قلبها الأصلي قد بات قوياً بما فيه الكفاية ليصمد وحده. أي أنه بعد سنوات من المراقبة تبين أن قلبها شفي "بطريقة سحرية"، وكأنه لم يكن مصاباً بشيء، مما يشكل ثورة حقيقية في مثل هذه الحالات.
يقول الدكتور يعقوب "كان قلب الفتاة لا ينبض نهائياً، فوضعنا القلب الجديد كي يضخ الدم عوضاً عنه، والآن نلاحظ أن قلبها الأصلي بات يعمل بصورة طبيعية."
القلب في القرآن والسنَّة
لقد ذكر الله القلب في القرآن في أكثر من خمسين موضعاً، وأخبرنا بأن القلب يفكر ويعقل بل ويحدد مصير صاحبه كما أخبر بذلك سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم. لنستعرض هذه الآيات الكريمات عن القلب:
- يقول تعالى: (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ "لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا" وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) [الأعراف: 179]. إن هذه الآية تدل على أن القلب يفقه ويفكر ويعقل.
- يقول تعالى: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ "لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا" أَوْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) [الحج: 46]. وهذه الآية تؤكد أن القلب يعقل ويفكر، ولذلك لابد من وجود خلايا مسؤولة عن ذلك، وربما تكون الأربعين ألف خلية عصبية المكتشفة مؤخراً لها دور في هذه المهمة.
يقول تعالى: (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ "وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ" وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) [الأحزاب: 5]. وهنا نرى بأن القلب له دور آخر في اتخاذ القرار! مع العلم أن العلماء أثبتوا أن مركز اتخاذ القرار في منطقة الناصية، ولكن ربما يكون القلب هو المحرك للناصية والمشرف على عملها والموجّه لها، والله أعلم.
- يقول عز وجل: (وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا) [الأحزاب: 51]. إن هذه الآية تدل على أن القلب له دور آخر أيضاً وهو تخزين المعلومات، ليس الدماغ وحده الذي يقوم بالتخزين، ولكن القلب أيضاً فيه مستودع للمعلومات. وهذا لم يكتشفه العلماء بعد، ولو أنهم بحثوا لرأوا أن القلب يخزن المعلومات.
- القلب يتأثر وينفعل ويتجاوب مع المعلومات القادمة إليه، ولذلك فإن قلب المؤمن يختلف كلياً عن قلب الكافر، يقول عز وجل:(أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) [الزمر: 22]. وسبحان الله! كيف يقسو القلب من ذكر الله؟ إن قلب الملحد لا يتأثر بكلام الله، ليس هذا فحسب بل "يشمئز" عندما يسمع القرآن!
يقول تعالى: (وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ "اشْمَأَزَّتْ قُلُوب" الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) [الزمر: 46]. والسؤال: كيف يمكن للقلب أن يشمئز؟ إن قلب الملحد اختزن معلومات الإلحاد وتفاعل معها وتأثر بها، ولم يعد يستجد إلا لها. ولذلك عندما يسمع كلام الله تعالى، يضطرب وينقبض!
بينما نجد أن قلب المؤمن يطمئن و"يلين" ويستقرّ في عمله ويهدأ لسماع كلام خالقه سبحانه وتعالى وهو القائل: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) [الزمر: 23].
لقد ذكر الله القلب في القرآن في أكثر من مئة آية، وحدّد له أكثر من خمسين صفة، فالقلب يمرض ويخاف ويفكر ويعقل، يطمئن ويضطرب، يلين ويقسو، يخزن المعلومات ويتأثر بالكلام ويتفاعل مع الأحداث، بل إن القلب هو أهم عضو يمكن أن يحدد مصير صاحبه، كما قال صلى الله عليه وسلم: (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب).
ومن هنا نستنتج أن القلب له خصائص لم يكتشفها الطب الحديث بعد، وهي اللين والقسوة، وأقول إن المعاني المقصودة هنا هي القسوة الحقيقية واللين الحقيقي، وليس التعبير مجازياً. ولو بحث العلماء هذه النقطة وقارنوا بين قلب المؤمن وقلب الملحد لوجدوا مصداق هذا الكلام، وهذه دعوة لأطباء المسلمين ليقوموا بمثل هذه التجربة ويثبتوا للعالم صدق كلام الحق عز وجل.
وأخيراً فإن جميع الآيات التي ذُكر فيها القلب في القرآن تتفق مع العلم الحديث، إما أن يكون العلماء قد اكتشفوا ذلك، أو أنهم لم يكتشفوا بعد، ولكن المهم أنه لا يوجد تناقض بين العلم والقرآن، وهو ما نهدف إليه من خلال هذه المقالات. ويمكن القول بما أن القلب له هذه الخصائص إذاً لابد من أن يكون لديه القدرة على تجديد الخلايا، مثله مثل الدماغ الذي يقوم بتجديد الخلايا أيضاً، وهو ما أثبته العلماء مؤخراً. نسأل الله تعالى أن يتقبل منا هذا العمل.
0 التعليقات:
إرسال تعليق